top of page

خمسون سنة من سيء إلى أسوأ

  • صورة الكاتب: يللا اليوم
    يللا اليوم
  • قبل يومين
  • 4 دقائق قراءة


يللا اليوم - مقال بقلم د. بسام ضو - الجمهورية اللبنانية جمهورية مستقلّة، سيّدة، ذات سيادة غير منتقصة وغير مجزأة، على ما جاء في دستورها المعتمد بعد التعديلات التي أُجريت عليه في العام 1990، بموجب القانون الدستوري رقم 18، تاريخ 21 أيلول 1990. إستنادًا إلى مبدأ العلوم السياسية، فإنّ السيادة حق كامل للسلطة الحاكمة وسلطتها على نفسها دون أيّ تدخّل من جهات أو هيئات خارجية. والرمز الوطني للسيادة هو: النبالة السياسية للحُكّام، الولاء للوطن، المؤسسات الرسمية المدنية والعسكرية.

وأيضًا، كمركز أبحاث PEAC، نعتبر أنّ مفهوم السيادة الوطنية من الضروري أن يشمل ثلاثة عناصر رئيسية، وهي:أولاً: الأرض،ثانيًا: الشعب،ثالثًا: السيادة التامة.

السيادة الوطنية ليست مجرد شعار، بل هي حق كامل غير قابل للتجزئة، وهي الأساس لكل شرعية دستورية في لبنان.




كما أنّ السيادة المطلقة والناجزة تُشكِّل المصدر الشرعي، الذي لا رديف له، للسلطة الشرعية الوطنية المنبثقة عن انتخابات شرعية دستورية، وفقًا للنظام الديمقراطي، وهي أساس العلاقات الداخلية والخارجية. كما يتطلّب علم السياسة أن "تكون السلطة العامة مستقلّة، ممّا يُعطي الدولة صفة السيادة".

بعيدًا عن الادّعاءات والمصالح الخاصة والكيديّات، اندلعت الحرب في العام 1975، بعد سلسلة خروق للسيادة الوطنية، وتعميّة فاضحة من قبل بعض المسؤولين اللبنانيين، لا سيّما الانقسامات في المواقف التي أدّت إلى أزمات بنيويّة وأسباب متصلة بموقع الجمهورية اللبنانية الإقليمي، ممّا أدّى إلى تحويل الأرض اللبنانية إلى ساحة للصراع.





ولن يُخفى الأمر أنّ هناك عدّة عوامل ساهمت في اندلاع هذه الحرب الشرسة، التي أسموها زورًا "حربًا أهلية"، ونُعدّد بعضًا من الأسباب التي ساهمت في اندلاعها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

أ – وجود عوامل انقسام سياسية محض طائفية مذهبية، استغلّت موضوع فلسطين للإطباق على النظام السياسي اللبناني.ب – وجود عوامل اقتصادية اجتماعية فكرية عقائدية، ناتجة عن انتشار حالات اللاوعي الوطني، والتضليل السياسي، والفقر، والعوز.ج – وجود عوامل خارجية، منها الإقليمي العربي والدولي، كان محورها قضية فلسطين والكفاح المُسلّح الذي سلكته منظمة التحرير الفلسطينية، خلافًا للمنظومة السيادية اللبنانية، تحت ستار اتفاقية القاهرة.د – خطر توطين الفلسطينيين، أو ما كان يُعرف بـ "الوطن البديل".

حرب 1975 لم تكن أهلية، بل كانت نتيجة خروقات داخلية وخارجية خطيرة استهدفت كيان الدولة، ولا تزال آثارها تتحكّم بمصير الوطن حتى اليوم.

حرب العام 1975 ليست حالة هامشيّة نمرّ عليها مرور الكرام، إنّها، على ما يبدو، قابلة للتكرار على نحو أشدّ خطرًا على كافة المستويات. وفي طبيعتها، وجوهرها، وأهدافها، أطلقت وما زالت تُطلق العديد من الوقائع المقلقة والخطيرة على صعيد الداخل اللبناني: سياسيًا، أمنيًا، اقتصاديًا، ماليًا، اجتماعيًا، ديمغرافيًا، وجغرافيًا.



وهذه الوقائع لا يمكن الاستهانة بها أو التقليل من أخطارها، وإنّها تتفاقم يومًا بعد يوم، وتزداد خطورتها سنة بعد سنة. إنّ التعامل مع خطورتها المتشعّبة بالطرق المنتهجة لأمر خطير جدًا، ومعالجة تداعياتها وأسبابها فيه خلل كبير لناحية مقاربتها وإيجاد الحلول الناجعة لها. هناك خلل في المعالجة منذ أن وُضِعتْ على سكّة الحل، وأتى الحل على حساب لبنانيين انغمسوا فيها رغمًا عن إرادتهم، لأنّ إرادتهم كانت الصمود والوقوف في وجه مؤامرة التهجير والوطن البديل.

سطحية المعالجة تتعدّى الأخطاء والفئويات التي اعتمدت من قبل قادة الرأي، مسيحيين ومسلمين، فكان الخلل في البُنية السياسية، والخلل في المواقف، والخلل في المواجهات على مستوى الداخل والإقليمي والدولي. لا بل تكرّس هذا الخلل وترسّخ في أذهان اللبنانيين، ونجمت عنه وقائع خطيرة طائفية ومذهبية تتحكّم اليوم بمصير الوطن، وبمؤسساته الشرعية المدنية والعسكرية، وتكرّست المصالح الشخصية، وفرضت أمرًا واقعًا سمجًا، وشرعيات غير وطنية فرضت حضورها على المسرح السياسي اللبناني.

إنّ ما حصل من أمور غير شرعية، منذ العام 1975، وصولًا إلى العام 1990، ولغاية العام 2005، إلى اليوم، لهو أشبه بمقولة "مكذِّب خانا"، وإنّ تراكم هذه الأزمات في بُنية النظام السياسي، منذ الاستقلال ولتاريخه، ما زالت ذيولها فاعلة ومتجذّرة في واقع الحياة السياسية اليومية، ممّا أحدث خللًا في ممارسة النظام السياسي اللبناني، وأدّى إلى ضعف السيادة الوطنية، وتنامي التضليل السياسي، المعطوف على زبائنية سياسية، وسيادة منتقصة، ودويلات ضمن الدولة، وسلاح غير شرعي متفلّت تحت ستار "محاربة العدو الإسرائيلي"، ومخيمات فلسطينية تُستغلّ غبّ الطلب من قبل فئات معيّنة.

وهذا الأمر يتناقض مع جولة الرئيس الفلسطيني، الذي زار الجمهورية اللبنانية لمرتين، مشدّدًا على ضرورة استلام الدولة اللبنانية زمام الأمور داخل المخيمات وحمايتها، على غرار ما يحصل في بعض الدول العربية المضيفة.




في هذه المناسبة، نودّ كمركز أبحاث PEAC، تذكير القارئ الكريم بالمداخلة التي ألقاها العميد ريمون إدّه، والتي تناول فيها عدّة مواضيع وطنيّة، ومنها وضع البلاد الأمني بشكل عام، والمشاكل التي حصلت حينها، وصولًا إلى توقيع الحكومة اللبنانية، ممثّلةً بقائد الجيش حينها، العماد إميل بستاني، على اتفاقية القاهرة، والتي رفض في مضمونها الاعتداءات من داخل لبنان باتجاه إسرائيل، مطالبًا بـ "بوليس دولي" لحماية الحدود، ومنع الأعمال العدائية على طرفي الحدود.

وممّا ورد في المداخلة نقتبس ما يلي:"طالما أنّ هنالك 140 فدائيًا، فلنطلب منهم أن يحلّوا عنّا شوي، لأنّهم قد يُسبّبون لنا مشاكل".رُفِضَ هذا الاقتراح، لأنه لا يجوز منع العمل الفدائي... ونِعْمَ السيادة ماضيًا وحاضرًا.

أثبتت الحرب اللبنانية (حرب الآخرين على أرض لبنان) أنّ هناك خلافات مستعصية بين القوى السياسية اللبنانية، وهذه الخلافات أفضت إلى انقسام عامودي بين كل مكوّنات الشعب اللبناني، وسط اعتماد خيارات غير دستورية تمسّ بالسيادة الوطنية، وبأجهزة الدولة اللبنانية المدنية والعسكرية. وكان خيار المسؤولين السابقين، ومن تولّوا بعدهم، سواء أكان بالإنابة أو بمبدئية الإقطاعية السياسية، هو خيار الانتهازية، والاستغلال السياسي، والعمالة، والسرقات الموصوفة لخزينة الدولة، وإفقار الشعب، ممّا اتضح أنّ هناك مؤامرة أركانها ومخططوها فعلَة شر تُنفّذ بواسطة وكلاء ساسة الأمر الواقع.



برهنت حرب العام 1975، وما سبقها وتلاها لغاية اليوم، أنّ هناك استبدادًا في الرأي، يُمارس من قبل ساسة الأمر الواقع، وتأقلم واستُعمل لغاية ضرب الدولة ومؤسساتها. وهذا يعني أنّ هناك استمرارية سياسية كارثية على الدولة بكل مؤسساتها، وعلى الشعب.

كما نلاحظ، كمركز أبحاث، أنّ هناك صراعًا متزايدًا في حدّته وبوتيرة خطيرة، بين منظومتين سياسيتين، وهذا ما أنتج حالة من الفوضى قد تصل إلى ضرب كل مقومات الدولة. وهذا ما يؤكد فشل أي نظام ديمقراطي في التمكن من إعادة بعض الأمور إلى نصابها الشرعي – الديمقراطي.



حرب العام 1957، حرب همجية ما زالت ذيولها ماثلة للعيان، حيث لا قدرة لمن هم في مراكز السلطة على توزيع عادل للثروة، والسلطة، والاعتبار. المطلوب اليوم، بعد خمسين سنة من حرب عبثية، تنظيم الآليات الدستورية الشرعية لوقف هذه الحرب، والتي تعتمد على: النظام السياسي الديمقراطي، المؤسسات الشرعية المدنية والعسكرية، العمل الحزبي المتمدّن. والآلية الوحيدة هي انتخابات حرّة ونزيهة لتداول السلطة، كباب يفصل بين الفوضى السياسية والممارسة السياسية العاقلة. وإلّا، سنبقى، وستبقى كل الأجيال، ضمن مقولة: "خمسون سنة من سيّء إلى أسوأ".

Comentarios

Obtuvo 0 de 5 estrellas.
Aún no hay calificaciones

Agrega una calificación

Subscribe to Our Newsletter

Thanks for submitting!

  • White Facebook Icon
  • https://www.youtube.com/c/YALLAToday

© 2012-2025 YALLA

Yalla est une marque déposée, protégée par les lois en vigueur

bottom of page